المشهد الأول أول سبت من العام الدراسي ١٩٨٢ كانت ككل نخيل بلدتنا تطل عليا من أعلى سماء و أنا اجمع لعبتي و أعيد تشكيل البناء و قد اصطففنا في طابور الصبح ألهانا الغناء في الطابق العلوي وقفت هيبةٌ كفنار بحر يرتدي زي النساء و تراقب الطابور في حزمً وصمتً بارعين فتستقيم ظهورنا يعلوا الهتاف تحية العلم المرفرف في الفناء بإشارةً منها يقود مدرس الألعاب ذو الصوت الجهور الصف نحو فصولنا و بنظرةً منها يدق العامل الجرس ابتداء الحصة الأولى من أين يأتي كل هذا الحزم في نظراتها ؟ و أنا آرها كل ليلة تطفئ الأنوار من حولي و تصنع خيمة من حبها و تحيك دفئ حنانها فوقي غطاء و عَلَماَ يخشون الأساتذة الكبار وجدوها يعُدلون من هندامهم و يراقبون الصف عند مرورها أنا لا أراها مثلهم ما زلت لم أفهم حقيقة كونها أمي و ناظرةً بمدرستي فأنا كطفلٍ لا أفرق بين أحداث الصباح و بين أحداث المساء لكنني ما زلت أذكر جيداً غضبي و ضجري كل ليلً حين يغلبني النعاس تهزني و تتهمني أنني دومًا انامُ وقد سهيت عن العشاء و قد سهت هي أنها ما تزال على يديها من وضوئي آثار ماء بعدما صليت يا أمي العشاء المشهد الثاني ٦ أكتوبر ١٩٨٥ يوم أجازه لمت خالاتي عندنا أو عند ستي كلام حريم انتِ خدتي وانتي جبتي أبويا كان يحس بلمة العيال يطير و أجواز خالاتي هكذا يوصلوهم عند بير السلم بالكتير ماعرفش ليه بيقولوا على باب العماره إنه بير المهم ، عيال خلاتي جولنا بدري و أبويا ينزل و أنا الكبير أنا اللي أقول مين اللي يقف و أنا اللي أقول مين اللي يلعب أنا اللي أقول مين اللي ياكل و أنا اللي أقول مين اللي يشرب كنت أكبرهم و هما عيال يا عيني صغيرين أنا كنت أرخم طفل عنده عشر سنين لما أغيب عن عين خالاتي يا اما تلقاني في مصيبه يا اما بعمل مُشكله كنت عايش طول حياتي أسئله ماما بنصلي ليه ؟ ماما مين بابا حسني ؟ ماما يعني راجل أصيل ؟ ماما يعني أيه عابر سبيل ؟ عيل فصيل كنت بسأل أسئله لا ليها رد ولا ليها عازه بس السؤال اللي سألته وقتها كان مهم إحنا ليه وخدين أجازه ؟ لمعت عينيها ساعتها لمعه بحبها اللمعه دي على طول بتظهر لما بعمل حاجه أمي تحبها لما بنجح لما بسأل لما بتنرفز على اخواتي البنات لو حد كركر لما بعمل أي حاجه تحس بيها إني بكبر لفت على الكرسي اللي عمر عندنا 20 سنه و بدأت حكاوي و دندنه ساعتين حكاوي و دندنه عـ اللي انضرب و اللي اتفني و اللي اتهدم و اللي اتبنى أبطال هنا شهداء هنا و أنا ودني أصلاً مش هنا كات ماما نجوى بتبتدي و أنا إلا دي أنا لسه هسمع حرب و أكتوبر و خط برليف و أرض سينا و مين حماها و مين خطفها دي حكاوي تافهه كلام تقيل و كلام مجعلظ و نجوى جت و أنا عاوز أبقلظ هربت من نص الكلام لكني فاكره أنا كنت عيل آه صحيح لكني فاهم الكلام من أوله و لحد آخره إن اسرائيل سرقت سلامي و إن اسرائيل قتلت عمامي و إننا زي النهارده خدنا طارنا داقوا نارنا عرفوا طعم جند مصر في المعارك و إن سوريا و الجزاير و العراق و الخليج و كله وكله وكله شارك و اننا بعد أما فوزنا بعد أما شافوا الوحده بتوسع نفوذنا و علمنا بيرفرف عليهم تحت عينا دبوا نار الفُرقه بينا كنت عيل بس فاكر كنت بلعب بس شاطر كنت بحضر ماما نجوى و بابا ماجد كنت أنام أحلم بـجونجر و إني هكبر أبقى مارد اجمع العرب اللي تايهين صف واحد و أبقى قائد كنت أنام أحلم بموقعة حطين و إني الأمير هشام الدين و معايا جيش وسع المكان مالوش لا أول في الشمال ولا في اليمين بإشاره من سيفي الحصون مدشدشه و إشاره من أيدي الجموع متفركشه و إشاره من أمي اللي جت بتهزني وتقولي طبعاً نمت قبل ما تصلي العشا المشهد الثالث ١ اكتوبر ١٩٨٩ مين يا اخويا ؟ عيد ميلادك؟ عيد ميلادك! و الله خلفت و علفت و انتَ أطول مني عايز عيد ميلاد أمشي ياد فـ أعداديه و لسه بتفكر يا شحط فـ عيد ميلاد روح لأبوك كلمه في الشغل قول له و انتَ جاي عدي هات لي نُفاخه شوف العيال لما تكبر تتملي مساخه ثم آيه اللي خلى يوم ميلادك اسمه عيد؟ ياكش فاكر يوم ميلادك إختفت نار المجوس ولا حد قال لك احنا لقينا يومها شوال فلوس دحنا كان العيش يادوبك و الغموس كنا مش لاقيين نجيبلك هِدمتين ايه ياد السعاده اللي انتَ فيها دي ؟ جياك منين ؟ دا احنا أفقر فتره عشناها فـ حياتنا حاملي بيك كانت البلد لا فيها زيت ولا فيها سكر و الجو بينا و بين كل العرب كان شان و عكر و السادات كان كل يوم شدوا الحزام شدوا الحزام و الإعارات اللي كانت فـ الخليج رجعولنا تاني و الجنيه مبقاش يجيب ولا جوز حمام ولا نص ضاني كنا دايرين نستلف من القريب و من البعيد خليتوا عيد بس عارف لما قالوا جه ولد ضهري اتسند رغم إني كنت مخلفه قبلك بنات كنت انتَ بِكري أبوك حريمه كلهم جابوا الولاد بدري و جدتك فـ غياب أبوك كانت تلقح بالكلام و انا طبعاً أهري و حتى لو مقالتش حاجه احنا ستات أوعر كلام بنقوله بنقوله بسكات مكنش أبوك يعرف يا ولدي إنهم سموني بينهم أم البنات و مكنتش أعرف حظي الأخبر إن خلفة الولاد هتجيبلي نطع عايز عيد ميلاد اسمع يا ولدي اسمع و ركز فـ الكلام النبي عليه الصلاة و السلام كان يحتفل بعيد ميلاده زيك تمام إزاي ؟ بالصيام يعني انتَ بكره تجيني صايم عيد ميلادك يعني تقوى مش جاتوه و باتوه و عزايم ولا أقول لأبوك على الدرجتين اللي نقصوا فـ التاريخ عايز تعلق نفخات ؟ أجيب لك النفيخ خش ذاكر أيوه و اتنغوش و خبط فـ البيبان هو يعني أبوك مسافر بس يجي و كل ده هيوصله حاضر تاني يوم الصبح و انا نازل و رايح المدرسه لقيت على السفره كيكه مقطعه و مكيسه قالت لي خد طفح صحابك ما انتوا جيل العيد ميلاد جيل ميعرفش الخشى قولي صح انتَ نمت الساعه كام ؟ شكلك مصلتش العشا المشهد الرابع ٢٤ ديسمبر ٢٠٠٤ النهارده عرس مش زي الخطوبه مش كله رقص رقص رقص و ألبس فنلتك مقلوبه و مطلعش حد تاني شقتك مفتاح حماتك تاخده و انتَ فـ سكتك وابعتلي ولد اختك يغير صندوقين حسن سألني عـ السجاير قلت له معرفش فين كلمت خالك ؟ آخر مكالمه قالوا لي وصلوا المنيا خلي بالك بعت حد عـ المحطه بص طيب أنا كنت ناويه الليله أعشيكم بـ بطه بس بصراحه لقيت حماتك جايبه أكل أسبوعين إفترى و فرتيك فلوس و هتخدوا عين قلت أشيلها فـ الفرزير حبتين حلوه بدلتك عليك ما شاء الله بدر و هل ضيه شبه أبوك بس انتَ فين هو أبوك كان حد زيه عارف يا ولدي الواحده فينا بتبقى فاكره يوم ما بتجوز ولدها بتبقى فرحه و الجناين تبقى طارحه و الحماميم تبقى سارحه فين يا ولدي ؟ ليا اسبوع شيل و حط و سلق بط حتى ولا غيرت طرحه البنات جوازاتهم أسهل عـ الأقل كنت وسط عيلتنا قبلي كنت لاقيه اللي يلافيني اللي يساعدني اللي يجاوبني كان نفسي أجوزك هناك و أتباهى بيك و كلهم يجوا الفرح و يباركوا ليك بس انت طفشان من زمان و ملكش صُحبه زي جدك الكبير كان غاوي غُربه كان يختفي شهرين تلاته لا كنا نعرف ارضه فين ولا كنا نعرف خط سيره لف أرض الله بطولها و عرضها و لإن ستك ست صانت عرضها ربك مبهدلهاش مخدش روحه إلا فـ سريره أصل يا ابني أصعب حاجه لما الست بتبقى تايهه عن راجلها المرض و الفكر و الأحزان تجيلها اسمع يا ولدي اوحش لحظه هتعيشها فـ حياتك لو بعدت عن مراتك والبعاد مش فـ المكان البعاد لو جات فـ حضنك و أنتَ بخلان بالحنان أفرح يا واد وأفرد دراعك عـ الرجال ولم عيلتك الليله ليلتك و الله ما مانعني أرقص كالعيال غير بس هيبتك ليقولوا أمه اتجننت ولا جاهه مس مين هيفهم إن عمري ضاع عشانه بس افرح يا واد الليله ليلة فرفشه بس أوعى يخدك الكلام و الدردشه و النغنشه و الوشوشه و الفجر يتسحب عليكم قبل ما تصلوا العشا المشهد الخامس ٢٥ مارس ٢٠٠٩ كل الدكاتره قالوا خير معندهاش ولا أي حاجه ولا حتى محتاجه لدوا مـ احنا عارفين شهر مارس و الهوا شوية برد ما يستهلوش السن بردوا ماتنسهوش أول مره أشوف حبيبتي بتتوجع و بتتلوي و انا عارف أمي ما تشتكيش غير مـ القوي عجزتي يا أمه عجزتي يا أمه و شاخ جرديك دا انتي لسه ماسحه الشقه بإيدك عجزتي فجأه دا احنا كل جمعه نبوس إيديكي عشان نوضب شقتك و تقولي لأه عجزتي فجأه و مالك إبيضيتي ليه ياك حطه بودره مش كنتي زيي سمره الدكاتره مش بيقولوا حاجه بينا و انا قلبي متوغوش و حاسس ان أمي فيها إنَ ما لو مفيهاش شي نقلق عليه حجزوها ليه رسمت الضحكة أول مره أحس دماغي بتشقق و تفكيري بيعمل صوت مصدقتش ولا اتخيلت و انا واقف فساعتها إنه الموت رسمت الضحكه بزياده رسمت الضحكة على وشي وبزياده دخلت عليها عارفاني أنا الكداب كالعاده و مين يقفشني غير أمي إلـ عجناني و خبزاني و خالعه بيدها سناني فـ عرفت بس من عيني إنها شهاده و شهدت يجي 100 مره سعتها كل إحساسي إلـ كان محبوس طلع بره و هاجت ذكريات عبت عينيا دموع و إحساس الطريق اللي ملهوش رجوع حاولت أخدعها و أستهبل بقالك عُمر بتمثل و هيَ معيشاك فـ الدور و صدقت إنها بتتخم يا راجل خلي عندك دم دي حافظه عينيك و تقطيعك و تهتهك و ألعيبك مش هاين عليك الويل عايزها منين تجيبلك حيل عشان مايبنش فـ عينيها العذاب و الهم يا راجل خلي عندك دم كانت بصه لي فـ عينيها السنين بتفوت و جويا كلام من كتره عدى سكوت كان نفسي أقول آسف أقول ندمان أقول خجلان و أقولك إني يا أمايا و الله بحبك حب مش معقول معرفتش ساعتها الحلق كان مقفول لكن القلب كان مفروط على قلبك و كان بيقول بحق حروف آيات الله اللي حافظها على يدك و من أيام مـ كنت بَعِدّ على يدك و على عدك و فرحة خدي يا أمايا و أنا نايم على خدك و قسماً باللي قام حدي و قام حدك ما حبيت فـ الوجود قدك جاي دلوفتي تتنغوش بتستعجل فـ وقت الموت و تتلهوج مابنحسش بقيمة الثانيه غير بعدين و تسرقنى الحياه و منفوقش غير و الموت مبكي العين يا شاقه القلب و مسافره خادتني الغربه من حضنك سنين كافره نسيت نفسي أنا آسف قالولي الغربه يا أمايا بتعلم دروس و حياه و إن الغربه يا أمايا دي طوق و نجاه أتاريها حزام ناسف أنا آسف ميعادنا يا أما فـ الآخره و هي الدنيا يا أما فـ إيه حقا مناهده و معافره خلاص خلينا للآخره و حتى تكوني محلوه و عليكي العين و أوريكي العيال يا أما بقوم بتّين و جبت الواد يا ستي علشان ماتدايقيش هوصيهم هوصيهم خلاص يا أما متخنقنيش أفراد عيلة هشام المدهشه دي تعليمات جدتكم المفتشه ممنوع تناموا فـ أي يوم أي يوم قبل ما تصلوا العشا